مؤلفات مالك بن نبي

مقتطفات مصورة من كتاب مذكرات شاهد للقرن لمالك بن نبي

استهلّ مالك بن نبي كتابه بتقديم خاص، هو عبارة عن قصة خيالية مفادها أنّ القدر ساق له الكتاب فوجده جاهزا بجنبه وهو يصلي بإحدى مساجد قسنطينة ليكون مرجعا تاريخيا لأبناء الجزائر في الحقبة بين 1905 سنة مولده و1935 سنة انقطاعه عن الدراسة.

تعتبر هذه المذكرات سجلا أمينا لسيرة فرد جزائري ينتمي إلى بيئة عربية مسلمة، ويَعتبر المفكر مولده في هذه الفترة 1905 استفادة بامتياز لا غنى عنها لشاهد[1]. للقرن من خلال أحداث متداخلة ومعقدة في الجزائر وفي العالم العربي والإسلامي كجزء من العالم كله، هو شاهد بصر وبصيرة على وجود اتجاهين آنئذ في الفكر والواقع لعالَمين مختلفين؛ عالَم يقوده اتجاهه صوب التقدّم العلمي والتكنولوجي والهيمنة الاستعمارية للشعوب واحتلال الأوطان ممثلا في فرنسا واحتلالها للجزائر، وعالم الضعفاء يقوده اتجاهه نحو التحرر والانعتاق، يحفظ الفطرة ويتمسك بالتراث ويُحيي قيّم الماضي.

قسم المؤلف مذكراته قسمين: قسم الطفل ويمتد من سنة 1905 إلى غاية 1930، وقسم الطالب من سنة 1930 إلى سنة 1939، وطلب من القارئ أن يتقبل ( هذا الكتاب على أنه أفكار جزائري أراد أن يتحدث إليه من وراء حجاب محتفظا باسمه لنفسه )[2].

ففي القسم الأول (الطفليتناول مالك بن نبي مذكراته ومواقفه في مدينة قسنطينة في بيت عمه وتحت رعاية وحنان مربيته (بهيجة) أو فيمنطقة "تبسة" التابعة لها حيث تعيش عائلته التي كانت تجمع بين أفرادهاأواصر المحبة والتعاون، كأي عائلة جزائرية بسيطة وتحت وطأة الاستعمار. يستعرض السارد ظروف عائلته وهو ابن 6 أو 7 سنوات بأنها: (عائلة فقيرة، هجرة الجد لأبيه إلى ليبيا بعد بيع أملاكه.. وتدهور أحوالهم بقاء الأب ردحا من الزمن بلا عمل ولا مورد عيش، لولا حسن تصرف الأم بماكنة خياطتها لسد بعض ضروريات المعيشة، كما أنها كانت حريصة على تعليم ابنها (الصديق) في المدرسة القرآنية الأمر الذي جعلها تدفع لمعلم القرآن سريرها الخاصّ (السدة) بدل النقود المفقودة. وفاة العم الذي تبناه في قسنطينة وعودته هو إلى تبسة مهيض الجناح (الابتعاد عن مربيته وأمه بهيجة)...

 كانت تربية أبيه له كابحة لجماح الطفل الذي يريد أن يكتشف العالم الذي حوله وهو المؤهل إلى ذلك، وأما عند مربيته (بهيجة) فيجد الحرية والانطلاق لتلبية رغباته الطفلية.

أثر مدينة قسنطينة في حياته في مرحلتي الطفولة والشباب، يقول: (( كانت العودة إلى قسنطينة حدثا هاما جاء يغير مجرى حياتي ))[3].

ويقول أيضا في هذا الصدد (( لقد تركْتُ قسنطينة: أمي بهيجة وجدي وكلبه بأسىً شديد، ولكني حملْت معي من تلك الإقامة فائدة واحدة؛ فالأمور بدأتْ تتصنف في تفكيري وذاتي، ففي تبسة كنتُ أرى الأمور من زاوية الطبيعة والبساطة، أما في قسنطينة فقد أخذْتُ أرى الأشياء من زاوية المجتمع والحضارة واضعا في هذه الكلمات محتوى عربيا وأوربيا في آن واحد ))[4].

 تنوع الثقافة التي تلقاها وفائدة ذلك في تكوينه، يقول ابن نبي: ( هذا الشيخ من الناحية- ويقصد عبدالمجيد - ومسيو مارتان Martin من ناحية أخرى كونا في عقلي خطّيْن حددًا فيما بعدُ ميولي الفكرية )[5].

أما القسم الثاني: قسم الطالب:
فتخص حياة الراوي الدراسية والسياسية بباريس وبمدن وقرى أخرى في فرنسا ما بين 1930 و1939 أي9 سنوات، وهو من بلد مستعمَر سافر للدراسة استطاع أن يطلع على ما كان يجري في العالم من أحداث سياسية وتطورات اقتصادية وتحولات اجتماعية وثقافية وتقلّبات عسكرية، بل وتكشف لديه جليا أمر فرنسا ذو الوجهيْن، وأيقن بأنه لا سبيل لتحضر الشعوب المستعمرة إلاّ إذا تخلّصت من الاستعمار ولا يمكنها ذلك إلاّ بالتخلّص من القابلية للاستعمار وهي ظاهرة أخطر من الاستعمار ذاته.

ومثّل هذا القسم الثاني من الكتاب فترة أقصر من الأولى تسع سنوات سبقت الحرب العالمية الثانية وكانت حافلة هي الأخرى بالأحداث والتحولات غيّرت وجه الحياة في العالم بعد ذلك، وكان صاحب المذكرات يهدف من وراء هذا العمل التأريخ كما يقول: (وربما يَعجب هنا أولئكالمثقفون الذين أصبحوا لا يدركون لغة الشعب الجزائري المسلم، إنني لا أكتب هذه المذكرات من أجلهم، ولكن للشعب عندما يستطيع قراءة تاريخه الصحيح، أي عندما تنقصي تلك الخرافات التي تَعْرض أحيانا أفلاما كاذبة، والتي سيكون مصيرها في صندوق المهملات مع مخلّفات العهد الاستعماري)[6].

وكان أبرز حدث سفرَ ابن مالك هذه المرة إلى فرنسا مرة أخرى بعد أن سدت في وجهه السبل، قائلا: (وجدت نفسي أقول وأنا متكئ على حافة الباخرة: يا أرضا عقوقا!.. تُطعمين الأجنبي وتتركين أبناءك للجوع، إنني لن أعود إليك إن لم تصبحي حرّة!...)).

ترك الصدّيق الوطن والوالدين والإخوة والخلاّن والجيران وتبسة والشرق الجزائري والجزائر برمتها تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، وسرد قصصه الكثيرة والمثيرة، مع شوارع باريس ومع الفندق ومع بنات باريس الطائشات ومع بزّته الخارجة عن الذوق المألوف بلونها المشرق، يقول: ((هكذا استقبلتني باريس، بوجه بناتها الطائشات الكاسيات العاريات العارضات لزينتهن وعرضهن دون أي شعور بالإثم. ولكنّ لباريس وجوه أخرى لا يكتشفها المرء عند نزوله. وقد كانت تجولاتي الأولى مجرد محاولات غير جريئة للتعرّف عليها في العالم الجديد الذي أصبحت فيه ))[7].

لكنّه لم يكن ينظر إلى وضعه الجديد بعين الإنسان العادي بل بعين ثاقبة لأنّ باريس ليست فقط طيشا وفسقا وخمرا بل لها وجهها الروحي المسيحي والحضاري والعلمي.

كانت ذكريات الصدّيق بعد وفاة والدته وعودته إلى فرنسا قاسية وكانت تصاحبه دوما صورة الحياة المزرية في الجزائر وصورة الحياة في الغرب الأوروبي، وقصصه مع السفارة المصرية والإيطالية والأفغانية والألبانية وغيرها، قصصه مع البوليس الفرنسي الذي كان يراقب نشاطه واتصالاته بأصدقائه، وشعوره بخيبة أمله في الحراك الوطني الجزائري آنذاك، إخفاقاته في الامتحانات وفي طلبه العمل وفي محاولات سفره خارج فرنسا خاصة إلى أرض الحجاز، بؤسه إلى درجة طلبه الموت، هذه الحال يقول فيها الراوي: (إنّ إيطاليا الفاشية لم تعطني الفرصة، و"سودرية" ومدرسة الميكانيكا والكهرباء خيّبا رجائي، والأمين العمودي لم ينشر مقالي في صحيفته، والمؤتمر الجزائري تبخّر، وخاب ظني في الإصلاح والعلماء المصلحين، وأصبحت أتساءل ماذا أفعل؟ بدأ هذا السؤال الذي طالما تردّد في نفسي بعد خروجي مدرسة قسنطينة، يتردّد على ذهني من دون جواب. وبدأت أشتم في نفسي رائحة الغرق... ))[8].

وفي خضم التحولات الجارية وموقفه منها يقول مالك بن نبي: (وبلغت الأزمة أوجها يوم 27 أيلول "سبتمبر"، فنظمت ذلك اليوم الحركات اليسارية تظاهرة دعي إليها النادي فكنت ممثله، وبدأت في القاعة المكتظة الخطب حسب التقليد المألوف، فأتى دوري فتلخص خطابي في اقتراح: يجب على هذا المؤتمر للقوى التقدمية أن يوجه اليوم برقية إلى الحكومة يطالبها بمنح شعوب الشمال الإفريقي حقوقها، حتى تدخل المعركة من أجل الديمقراطية شاعرة بكرامتها لا بوصفها مرتزقة. في آخر الجلسة قرأت على الحاضرين لائحة التوصيات، فلم أجد فيها اقتراحي ولا مجرد التلميح إليه، اقتحمْتُ المنصةَ لألفت النظر إلى هذا النسيان ولم أصرح بأنّه تناسٍ، فهاجت القاعة وخصوصا السيدات تهتف لي ))[9].

استنتاجات: (موضوعاتية وفنية ):
1- الموضوعاتية:
 استيعاب أحداث عصره (في الجزائر، في الوطن العربي، في العالم بقطبيه الحرب العالمية...).

• تعرف مالك بن نبي في أيامه هذه على الوجه الحقيقي الجميل للحضارة العظيمة فيفرنسا، وهو غَيرُ ذلك الوجه القبيح الكريه الذي تبرزه في مُستعمراتها وهناكأيضًا تعرف على حفنة من الشباب العربي، وخصوصًا المغاربي الذي رمت به الأقدار مثله تماما.

• التخرج من المدرسة والسؤال الكبير: ما العمل الآن؟.

• لا مجال لليأس من النجاح على الرغم من الفشل والإقصاء (التوجيه أول المسار غير المرغوب فيه (عدل في الشرع الإسلامي؛ لأن والده كان موظفا في القضاء الإسلامي) الاتجاه إلى "مدرسة اللاسلكي" الباب الذي فتحَ لمالك بن نبي فيما بعد آفاقًا رحبة في شتى العلوم التطبيقية،والاستفادة منها في صياغة وتشكيل أفكاره ونظرياته فيما يتعلق بمشكلاتالحضارة العديدة والمتنوعة، ومنها مشكلة بلاده المُستعمَر الجزائر.

لا وظيفة قبل سن 22، الإخفاق في الدخول إلى الدراسات الشرقية بفرنسا لأسباب سياسية لا علمية يقابلها التحدي والإصرار (السفر لإكمال الدراسة وللعمل تجريب العمل في أي مهنة ولو بلا مقابل التجارة ).

• الحلم (بعمل قار، محام في تبسة، مقاول، صاحب مزرعة، تاجر، السفر إلى تمبوكتو (مالي) أو أستراليا.

• النشاط الدؤوب (التنقل بين تبسة وقسنطينة، بينهما وبين عنابة وآفلو، فرنسا أكثر من مرة على الرغم من شظف العيش وقلة ذات اليد، رئيس جمعية "فرنسا والشمال الإفريقي" /نائب رئيس جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا / مدير بالمركز الثقافي في مرسيليا).

• الشجاعة في الدفاع عن أصالته وقيم دينه الإسلامي لا سيما بعد التحاق الطبقة المثقفة من العالم العربي والإسلامي بفرنسا.

• جاءت تحاليله المنهجية بين عقلانية ديكارت وعبقرية ابن خلدون ليعالج من خلالها مشكلات الحضارة.

• اكتشاف من سفرياته المتكررة إلى فرنسا وعودته إلى الجزائر أن المعمر يكيل بمكيالين (مكيال فرنسا الحرية والعدالة والمساواة مع أهلها / ومكيال فرنسا الاضطهاد والتجويع والتفريق والمسخ الديني والأخلاقي).

 تعلم اللغات 14 لغة.

• التحصّن بالتراث والأصالة وبالقيم الإسلامية ( وهو ضمن مجموعة من الوحدة المسيحية للشبان الباريسيين "جمهورية تريفيز").

• التأثر بشخصيات بارزة في المجتمع (ابن باديس، الشيخ سليمان الإصلاحي) وبكُتّاب مشاهير (أحمد رضا، محمد عبده، الفيلسوف الفرنسي كونديلا شاتو بريان، لامارتين).

• كان كثير الاهتمام بالقراءة والمطالعة التي تولدت عنده في حانوت بقّال المدعو (سي الشريف) لكل ما يقع تحت يديه من الصحف التي كان البقال يلف فيها سلع زبائنه، وهناك كانت أخبار ح.ع.1 قريبة منه. ثم تطورت مطالعاته لينتقل إلى الكتب؛ مثل: (رسالة التوحيد لمحمد عبده، الإفلاس المعنوي للسياسة الغربية في الشرق، فاقدات السعادة، Pierre Lotti، Claude Farriera) فهو يقول عن مثل هذه المؤلفات (( كانت هذه الكتب تصحح مزاجي، ذلك الحنين إلى الشرق تركه في نفسي كتب Lott، وfarrieraوحتى لا مارتين أو شاتو بريان، فعرفت تاريخ الشرق وواقعه وأدركت بذلك ظروفه البائسة الحاضرة))[10].

وعن كتاب كونديلا Candilla الفيلسوف الفرنسي في علم النفس يقول المفكر: ( ( لست أدري أي كسب علمي حصلت عليه مع كونديلاCandilla، إنما هذا الكتاب وضع عقلي وأفكاري وفضولي، أو بالأحرى ثقافتي باتجاه محدد ))[11].

أما اهتمامه بالشرق بخاصة والمهووس به يقول صاحب المذكرات: (( لقد بدأ الشرق القديم منه والحديث يستهويني بأمجاده ومآسيه، وكان الحديث عنه يبكيني أو يبهرني، إنما في الحالات جميعها يشدني إلى شيء خبيء في نفسي بدأتُ أدركه في شيء من الصعوبة ))[12].

• يجب أن تكون الأمور - حسبه - شاملة لجميعأوجهها، كما يجب أن لا تكون مبتورة من سياقها، كي نستطيع أن نعيها ونفهمابالشكل الذي يُعيننا على حلها أو تطبيقها أو تعديلها.

القدرة على تحليل الأمور بعد حسن المشاهدة (كان الطفل يضيق ذرعا من طريقة التلقي أو التلقين في المدرسة القرآنية التي لم يخرج منها إلا بسورة "سبّح" على الرغم من معاقبة أبيه له في كل مرة على تغيباته عنها، في المقابل إقباله على المدرسة الفرنسية وحبه لأستاذاتها وجعل إحداهن في مقام الأم Mme Bill).

• كانت تربية أبيه له كابحة لجماح الطفل الذي يريد أن يكتشف العالم الذي حوله وهو المؤهل إلى ذلك، وأما عند مربيته (بهيجة) فيجد الحرية والانطلاق لتلبية رغباته الطفلية.

أثر مدينة قسنطينة في حياته في مرحلتي الطفولة والشباب، يقول: ((كانت العودة إلى قسنطينة حدثا هاما جاء يغير مجرى حياتي))[13].

ويقول أيضا في هذا الصدد ( لقد تركْتُ قسنطينة: أمي بهيجة وجدي وكلبه بأسىً شديد، ولكني حملْت معي من تلك الإقامة فائدة واحدة؛ فالأمور بدأتْ تتصنف في تفكيري وذاتي، ففي تبسة كنتُ أرى الأمور من زاوية الطبيعة والبساطة، أما في قسنطينة فقد أخذْتُ أرى الأشياء من زاوية المجتمع والحضارة واضعا في هذه الكلمات محتوى عربيا وأوربيا في آن واحد))[14].

• تنوع الثقافة التي تلقاها وفائدة ذلك في تكوينه، يقول ابن نبي: (( هذا الشيخ من الناحية- ويقصد عبدالمجيد - ومسيو مارتان Martin من ناحية أخرى كونا في عقلي خطّيْن حددا فيما بعدُ ميولي الفكرية ))[15].

• وفي علاقته مع أبناء الأوربيين يقول: (( كان هؤلاء الأوربيون يستقطبون تفكيري وخاصة طلاب المدارس الثانوية منهم، حين كنت أراهم أيام الآحاد يتنزهون تحت إشراف ناظر مدرستهم... وكان الخيال ينطلق بي معهم؛ فهؤلاء سيصبحون محامين أو أطباء أو أساتذة، أما أنا فقد حُكم عليّ بأن أكون عدلا ))[16].

• تكشف المذكرات عن نضال صاحبها السياسي وفي ميدان الحركة الوطنية، كما تكشف عن مواقفه من الاستعمار ومن الأحداث والتطورات التي عرفتها المرحلة المحلية الجزائرية والإقليمية العربية الإسلامية والدولية، وتُبين في الوقت ذاته عن رؤاه النقدية في المنهج الإصلاحي السائد وفي مواقف التيارات الفكرية والسياسية الجزائرية.

2- الفنية:
• اكتساب الحس القصصي بتقنيته السردية انطلاقا من عائلته، من يوم كانت الجدة الحاجة (بايا) التي جاوزت المائة سنة تحكي لأفراد العائلة وكان للسارد من العمر 3 أو 4 سنوات بالإضافة إلى ابنتها الحاجة (زليخة) التي كانت هي الأخرى بارعة في القص ويعتبرها الكاتب مدرسته الأولى.

• سرعة الملاحظة وإطلاق الأحكام؛ فهو يقول عن عادات وتقاليد أهل قسنطينة المتبدلة آنئذ (( لقد بدأ المجتمع القسنطيني يتصعلك من فوق ويسوده الفقر من تحت ))[17].

• الكتاب سردي، فهو غير مقسم إلى فصول سوى الفصلين الرئيسين.

• عرض الأحداث المستفيضُ والمتسلسل.

• عمق الأفكار ووضوحها وسلاستها.

• النقد الموضوعي والمنهجي لرؤى وأفكار غيره.

 بعد النظر في العرض والتحليل والتعقيب والاستنتاج.

 التنبؤ بالنتائج من سرعة إدراك الأسباب والشروط والظروف.

 أسلوب التشويق في العرض مما يشد القارئ إليه.

 التفاعل مع الأحداث والتحمّس لها.

 استخلاص العبر والدروس من مدرسة الحياة.

 قوّة الشعور بالمسئولية وحضورها في سائر أعماله وعلاقاته وفي حياته ككل.

 الوصف الدقيق تلميحا وتصريحا للوجه الازدواجي الذي يملكه الاستعمار الفرنسي.

 يستخدم "مالك" أحيانًا الأسلوب التهكمي الساخر عند حديثه عن تصرفاته وأفعاله (استحضار لحظات السطو على الحقول والمزارع لقطف الغلة، وكان بفضل ذلك بعد ظهر كل أربعاء / بيعه حذاءه الجديد الذي أهدته إياه أمه (بهيجة) للدخول إلى السينما.

خاتمة:
لم يكن مالك بن نبي (الطفل في الجزائر بين قسنطينة وتبسة والطالب في فرنسا) - حسب مذكراته - طفلا أو طالبا عاديا، بل كان صاحب فكر ورسالة وكلمة وموقف، وصاحب مشروع فكري نهضوي حضاري، بانت إرهاصاته في طفولته بملاحظاته ومحاولة الإجابة عنها وفي شبابه بصاحب مشروع تَجاوزَ به أقرانه في الجزائر وتفوّق حتى على النخبة منهم في المدارس الفرنسية ومعاهدها. تكوّن فيها بالعناية الإلهية التي هيّأت أسبابه، فكان إعداده الأوّلي الإسلامي العربي الجزائري الأصيل المتين حصنا منيعا.

وجاءت سفرياته العديدة من تبسة إلى باريس ذهابا وإيابا على الرغم من الصعوبات والمشاكل التي كانت تعوقه، ثم جاء تكوينه العلمي الرياضي، ثم تكوينه التقني العملي، بالإضافة إلى تكوينه الفلسفي وتنوع ثقافته.

بفعل ذلك كلّه تشكّل لديه منهج خاص محكم في التفكير، ومنطق دقيق في التعامل، وأسلوب مزج فيه بين بعد النظر والدّقة العلمية والعمق الفلسفي.، فكان فعلا مفكر عصره، وابنَ خلدون مِصره.


[1] ينظر : مالك بن نبي ، مذكران شاهد للقرن، دار الفكر المعاصر ، بيروت - لبنان -، ودار الفكر، دمشق - سوريا - ط2 ، 1984. ص 15.
[2] المصدر نفسه، ص 14.
[3] السابق، ص30.
[4] نفسه، ص 36.
[5] نفسه، ص 47.
[6] السابق، ص.
[7] نفسه، ص.
[8] نفسه، ص.
[9] المصدر السابق، ص.
[10] المصدر السابق، ص 66.
[11] نفسه، ص 114.
[12] نفسه، 64.
[13] السابق، ص30.
[14] نفسه، ص 36.
[15] نفسه، ص 47.
[16] نفسه، ص 51.
[17] السابق، ص18.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/63939/#ixzz43ahxZGIw    






















Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire