مؤلفات مالك بن نبي

jeudi 3 avril 2014

التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة عند مالك بن نبي التوصيــات /بقلم/دكتور.حسان عبدالله حسان


التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة
عند مالك بن نبي
التوصيــات 
يوصي البحث بما يلي:

أولاً: ضرورة عناية الباحثين بالدرس المعرفي المقارن عند التعرض للإنتاج الفكري لمالك بن نبي في ضوء الخبرات الإصلاحية لرواد الفكر الإسلامي والذين يمتلكون ذلك الإحساس الحضاري بواقع أمتهم (أي القراء المستعرضة لفكر مالك) مثال:
- المسألة اليهودية/ الصهيونية عند مالك بن نبي وجمال حمدان وإسماعيل الفاروقي وحامد ربيع.
- شروط النهضة في فكر مالك بن نبي وعلى شريعتي.
- تجديد الدرس القرآني عند مالك بن نبي ومشروع إسلامية المعرفة.
إن القراءة المستعرضة المقارنة تتيح الإدراك المتكامل لقضايا الأمة وتحقيق التواصل الحضاري والانكشاف على الداء بصورة أكثر من القراءة الجزئية أو الذرية التي أشار إليها مالك, وهو ما يتيح أيضاً تحقيق أهداف حركة الإصلاح المعرفي في " إعادة تشكيل بنية العقل المسلم " وفقاً لشروط نهضته الحضارية.

ثانياً: ضرورة العناية بإنشاء مركز استقطاب التفكير أو مراصد التوجيه (وهي من ابتكارات مالك في مجال مأسسة العمل الثقافي في الأمة) تكون مهمتها تبويب وتفصيل الإنتاج الفكري لمالك بن نبي في قضايا أمتنا المعاصرة : في الاقتصاد والسياسة والتربية والثقافة, حتى يقع نشاط الأمة وحركتها في مسار نهضتها وليس في مسار آخر.

ثالثاً: ينبغي على المفكرين والمثقفين والمربين في أمتنا إشاعة مبدأ " التفاؤلية" الذي التزمه مالك في إنتاجه الحضاري رغم المأساة التي كان يعيشها حسرة على واقع الأمة فقد كان دائما حريص على الإشارة إلى: الجيل الجديد , الأجيال القادمة , شفاء العالم الإسلامي من أمراضه.

رابعاً : ندعو إلى إصدار دورية تحمل عنوان (مشكلات الحضارة) مستوحاة أفكارها ومساراتها من الإنتاج الفكر لمالك بن نبي, و تفتح أفاقاً للتنوير والوعي والتطوير والتشغيل 

التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة عند مالك بن نبي خاتمة الدرس المعرفي المستفاد من فكر مالك بن نبي/بقلم/دكتور.حسان عبدالله حسان


التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة
عند مالك بن نبي

خاتمة 
الدرس المعرفي المستفاد من فكر مالك بن نبي

أولاً:إن الوهن الفكري الذي يعانيه العالم الإسلامي هو وهن ذاتي بالأساس, نظرا لما أصاب رؤيته الكلية من تشوهات ترجع إلى عصر الجمود والتوقف الحضاري (عصر ما بعد الموحدين كما أسماه مالك بن نبي).
ثانياً:إن مشكلة العالم الإسلامي ليست في نضب أفكاره, أو عدم صلاحيتها؛ وإنما في المشكلة في تحقيق فعالية هذه الأفكار.
ثالثاً: إن المفكرين مسئولون عما حدث للعالم الثقافي من اختلال في توازنه, وعليهم إصلاح أنفسهم قبل التصدي لمعالجة الأزمة الحضارية للأمة.
رابعاً: أن أسباب الأزمة تتلخص في:
- ما ورثناه من عصر ما بعد الموحدين (أو عصر الأزمة ) والذي ورثت منه الشخصية المسلمة عوامل ضعفها: من النظرة التجزيئية, والنـزعة الذرية,, وحمل الجراثيم الثقافية والحضارية للأجيال اللاحقة.
- وهن الدفعة القرآنية, وما نتج عنه من انفصال و فصام في الشخصية المسلمة بين الاعتقاد والسلوك, بين الإيمان والواقع, بين القول والعمل.
- غياب منهجية المراجعة أو المساءلة الحضارية للذات المسلمة, واستسلامها للجمود الحضاري والرضا والقناعة العقلية عن واقعها المعاش, بصورة أقرب إلى البلادة الحضارية.
خامساً: سلك مالك في سيره نحو المعالجة الحضارية, المنهج التوحيدي المستمد من شهادة التوحيد (لا إله إلا الله) المعروف بمنهج التخلية والتحلية.
1-وفي جانب التخلية دعا مالك إلى التخلص من عناصر الأزمة والوهن الحضاري, وهذه العناصر هي: الأفكار الميتة والمميتة, والأفكار القتَّالة, والأفكار الممرضة, والفكرة الوثن, والتقاليد البالية, والماضوية, وحرفية الثقافة واللفظية, النـزعة الكمية, والتكديس,والذرية, واللافعالية أو البلدة الحضارية.
2- أما في مرحلة التحلية والتي ترتبط بالجهد النفسي والفكري الذي ينبغي أن يبذله العالم الإسلامي, لتحقيق شروط الإمكان الحضاري, فقد اشترط مالك تحقيق ما يأتي:
-إصلاح منهجية التفكير مما علق به من ازدواجية معرفية ومن توقف عن مسيرة الاجتهاد الحضاري الإنساني.
- بناء رؤية حضارية توحيدية-عن طريق مشروع تربوي إصلاحي- تتضمن غرس العناصر الأساسية للرؤية التوحيدية وما تتضمنه من قيم, وهذه العناصر هي: التوحيد, والاستخلاف, والمسئولية, والجمالية, والغائية, والأخلاقية, والعدل, والإصلاح, والأعمار ...
-تأسيس شبكة علاقات اجتماعية متماسكة على نمط الجماعة المسلمة الأولى, والتي تنتج عنها بالضرورة شبكة علاقات ثقافية قوية تتجاوز حالة الجمود والتوقف, وتعبر وتتجاوز مشكلة الثقافة.
- إصلاح مناهج التربية وتجديد الدرس التعليمي الديني (فالمسلم ليس في حاجة إلى من يلقنه عقيدته, ولكنه بحاجة لمن يعلمه استخدامها وفعاليتها في الحياة.
- إنشاء مركز استقطاب التفكير في الأمة والتي تستعيد بها الأمة رؤيتها الكلية التوحيدية وعافيتها الفكرية والثقافية
- العناية بعلوم الإنسان, وإعادة بناؤها وفقاً لرؤيتنا الكلية القرآنية, ودون ازدواج في التعاطي المعرفي لها أو إخلال في مسارات الكون التجديدية.
- إدراك السنن الكونية في الصعود والهبوط الحضاري, حتى نتمكن من تحديد موقعنا ونقطة انطلاقنا.
- تحقيق الدفعة القرآنية في مشروعنا التربوي الإصلاحي التغييري المنشود, تلك الدفعة التي تحقق بدورها " النقلة الحضارية" المرجوة. وهو ما يتطلب تجديد العلاقة المدرسية والخاصة بالدرس القرآني في الأمة.

التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة عند مالك بن نبي/بقلم/دكتور.حسان عبدالله حسان


التصور الفكري للأزمة الحضارية ومنهجية المعالجة
عند مالك بن نبي

بحث مقدم إلى
الملتقى الوطني الثاني حول " المشروع الحضاري عند مالك بن نبي وأسئلة الراهن"
جامعة زيان عاشور- الجلفة- الجزائر
4-5 مارس 2013م-1434هـ

دكتور.حسان عبدالله حسان

تهتم هذه الورقة بتحليل الدرس المعرفي والمنهجي للأزمة الحضارية لأمتنا ومعالجتها عند مالك بن نبي, من خلال محورين أساسيين:

المحور الأول: التصور الفكري للأزمة الحضارية عند مالك بن نبي, أي مرحلة تشخيص الداء الذي تعاني منه الأمة وأسبابه, والتي تنقسم بدورها إلى عاملين هما العوامل الداخلية الذاتية, والثاني: العوامل الخارجية المتمثلة في استعمار.

المحور الثاني: منهجية المعالجة أو سبل الخروج من الأزمة الحضارية عند مالك بن نبي, والتي قسمت أيضا إلى مرحلتين متكاملتين, الأولى, مرحلة "التخلية" من العناصر التي أحدثت الأزمة والتي ما زالت متأصلة في البناء الفكري والتربوي للمسلم المعاصر, والتي حددها مالك في إحدى عشرة عنصراً تحتاج إلى هدم و تخلية, أما المرحلة الثانية فهي مرحلة " التحلية" أو البناء الحضاري للأمة بغرس عناصر ذلك البناء الحضاري في برامجها الفكرية والتربوية والثقافية والتي استخلصنا منها سبعة عناصر جوهرية تمثل أعمدة ذلك البناء المنشود.
هذه الورقة تهدف بالأساس إلى إشاعة التنوير الفكري بأفكار مالك بن نبي في البناء الحضاري, وحاجة أمتنا إلى هذه الأفكار سواء كانت في مرحلة الضعف-كما هو حادث- أو مرحلة البناء كما هو مأمول إن شاء الله.
كما تهدف الورقة إلى إبراز منهجية مالك بن نبي في التشخيص لداء الأمة, وكذلك منهجيته في وصف الدواء الناجع من صيدلية الأمة ونموذجه المعرفي الحضاري التوحيدي.
 — 

الأعربة/بقلم الاستاذ رؤوف بوقفة.

الأعربة :
قال تعالى :﴿ الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {97} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {98} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {99}﴾(سورة التوبة)
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {101} وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {102} ﴾ (سورة التوبة)
﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {15} (سورة الحجرات)
لغة :
يقال: رجل عربي. إذا كان نسبه في العرب وجمعه العرب. كما تقول مجوسي ويهودي، ثم يحذف ياء النسبة في الجمع، فيقال: المجوس واليهود، ورجل أعرابي، بالألف إذا كان بدوياً، يطلب مساقط الغيث والكلأ، سواء كان من العرب أو من مواليهم، ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب ( تفسير الرازي )
اصطلاحا:
سكان البادية وهم أقسى قلباً وأجفى قولاً وأغلظ طبعاً وأبعد عن سماع التنزيل ( تفسير القرطبي)
وقد وردت روايات كثيرة عن جفوة الأعراب :
" قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان، وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم " نهاوند " ، فقال الأعرابي: والله إن حديثك ليعجبني، وإن يدك لتريبني! فقال زيد: وما يربيك من يدي؟ إنها الشمال! فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال! فقال زيد ابن صوحان: صدق الله ورسوله: { الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله }
" وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، عن رسول الله - - قال: " من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن ".
ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولاً، وإنما كانت البعثة من أهل القرى كما قال تعالى:﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى ﴾
" ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله - - فرد عليه أضعافها حتى رضي ,قال :" لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري أو دوسي " لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن: مكة والطائف والمدينة واليمن، فهم ألطف أخلاقاً من الأعراب لما في طباع الأعراب من الجفاء.
و عن عائشة، قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله - - فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم! قالوا: لكنا والله ما نقبل! فقال رسول الله - - وما أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة؟ ".
وكثير من الروايات يكشف عن طابع الجفوة والفظاظة في نفوس الأعراب. حتى بعد الإسلام. فلا جرم يكون الشأن فيهم أن يكونوا أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، لطول ما طبعتهم البداوة بالجفوة والغلظة عندما يقهرون غيرهم؛ أو بالنفاق والالتواء عندما يقهرهم غيرهم؛ وبالاعتداء وعدم الوقوف عند الحدود بسبب مقتضيات حياتهم في البادية.( تفسير سيد قطب)
التحليل :
الأعراب جزء من التركيبة الاجتماعية , وهم ضرورة لحفظ التوازن الاجتماعي , والذي يهمنا في هذا الموضوع هو دراسة طبيعة الشخصية الأعرابية من الناحية الفكرية ,هذه الطبيعة قد ساهمت الظروف الطبيعية القاسية من الجفاف و ندرة المياه وقلة مواطن الكلأ في تشكيلها ,وان حاولنا تحديد مميزات الفكر الأعرابي نجده:فكر اندفاعي هجومي ,لا فكر دفاعي متأني وهو فكر سطحي مظهري تبسيطي , تجزيئي , شيئي
أما فكر اندفاعي هجومي :
فلأن الإستراتجية القتالية الأعرابية بسبب المكان المنبسط , المنكشف , الغير محمي أو المحصن بحواجز طبيعية كالجبال أو من صنع البشر كالقلاع أو الحصون , يعدم الدفاعات ولا تقوم لها قائمة وبالتالي الإستراتيجية الوحيدة القائمة هي الإغارة
كما قال امرؤ القيس:
مكرٍ مفرٍ مُقبلٍ مُدبرٍ معًا . . . . . . كجلمودِ صخرٍ حَطَّهُ السَّيلُ من عَلِ
وقول زهير بن أبي سلمى
وَمَا الْحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ
وقول عنتر بن شداد:
هَلاَّ سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ أَنَّنِي أَغْشَى الْوَغَى، وَأَعِفُّ عِنْدَ الْمَغْنَمِ
وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الْفَمِ
فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ الَّتِي لاَ تَشْتَكِي غَمَرَاتِهَا الْأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّهَا أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الْأَدْهَمِ
فالحرب عند الأعراب ( سكان البادية ) لا تعتمد على إستراتيجية الحصار ولا غيرها من الاستراتيجيات التي تعتمد على التخطيط والذكاء والدهاء والخداع والمراوغة وذلك بسبب التركيبة الجيوسياسية للبيئة البدوية وهذا ما أثر على الفكر الأعرابي وجعله فكر مباشر هجومي اندفاعي غير تريثي ولا ترددي ,لأن التريث والصبر والتردد والدفاع أخطاء قاتلة تكلف القبيلة حياتها في البيئة الأعرابية.
أما فكر وصفي :
فهو يكتفي بالتوصيف دون التدرج للتحليل والتركيب حتى في السياقات الشعرية من غزل وهجاء ومدح وفخر ورثاء وعتاب لا تخلوا من التوصيف البسيط الذي مادته الطبيعة فعلي بن الجهم الأعرابي لما قدم على المتوكل العباسي مادحا ،أنشده قصيدة ، منها :
أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً من كبار الدلا كثير الذنوب
وسيمات الفكر الأعرابي حين تخرج عن سياقها الطبيعي ( البادية ) لتخترق الفكر الديني في إطار أعربة الفكر الإسلامي تعمل على تقليص دائرة الإنسانية من الفكر الديني ودائرة الرحمة ولأن العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يبعثوا في البادية بل في المدن , و لأن النص الديني جاء بلسان القوم الذي فيهم نزل وما تحمل اللغة من دلالات مكانية وثقافية مدنية تختلف عن الثقافة الأعرابية , فان فهم النص الديني يجب أن يكون حضري (مدني) لا أعرابي , لكن المتتبع لتاريخية الفكرة الدينية الإسلامية يجد تسلل الفكر الأعرابي لها وسيطرته عليه فيما يعرف بأعربة الفكر الاسلامي.
بوقفة رؤوف