تغير القيم
﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ النمل (56) -
حين تتغير القيم وتنقلب المفاهيم يتحول الصواب إلى خطأ والخطأ إلى الصواب ويصبح الطهر والتعفف والتنزه عن اقتراف الفحش بأنواعه وأصنافه من قولي وجسدي وفكري وسياسي وأخلاقي وثقافي جريمة عقوبتها الإقامة الجبرية والعزلة والحصار والتضييق والمضايقات و بث الإشاعات والنفي من البلاد وربما الاغتيال …
ليتحول في إطار سياسة ممنهجة منظمة من برنامج سياسي إلى مطلب جماهيري , تشارك فيه كل الفاعليات المدنية من جمعيات ومنظمات وأحزاب ونقابات ويصبح صاحب الحق والحقيقة غريبا يردد بينه وبين نفسه ما ردده عَلِيًّ كرم الله وجهه يَوْمَ صِفِّينَ في حسرة وتأوه وألم وهو يعض على يديه ، وَيَقُولُ:" يَا عَجَبًا أُعْصَى وَيُطَاعُ مُعَاوِيَةُ."
حين يصبح الفساد عادي والانحلال عادي والجهل عادي والتفسخ عادي وثقافتنا شعارها " عادي في بلادي" أو ثقافة النورمال (normal)
وتصبح الثقافة الشعبية متجسدة في أمثالها تؤكد هذا المسعى وتجعل منه تحول اجتماعي فيقول المثل :" دير (افعل ) كيما (مثل) جارك او حول باب دارك "
لقد قال عثمان رضي الله عنه من قبل (ودت الزانية لو أن النساء كلهن زواني ) وهذا الود او التمني طبيعة نفسية في الإنسانية لكن النظام الاجتماعي يفعّل هذا الود ويزيد في هذا التمني لأجل تطبيقه وتعميمه ليتحول من ظاهرة فردية الى ثقافة اجتماعية : ﴿ إن اللذين يحبون أن تشيع الفاحشة في اللذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون ﴾ وهذا الفحش ليس فحش الفرج فقط بل الفحش بجميع أنواعه ومختلف أشكاله وأهمها وأخطرها الفحش الحضاري الذي يحل كعلامة كبرى لسقوط الحضارة : ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ الإسراء (16) -
ولنوضح صورة كيفية تغير وتبدل القيم والمفاهيم التي تبتدئ من السلطة الحاكمة ثم يتبناها المجتمع في ضل غياب دور العلماء الذين من المفروض يمثلون دور حراس القيم : " يروى أن حاكم إحدى البلاد البعيدة أصابه مرض خطير فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه،استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم...وبعد أن تعافى ، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف،
وليخرج من هذا الموقف المحرج، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم،
وكل مسئول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبه بأن يقوم بقطع أنفه ..
إلى أن وصلت كافة موظفي الدولة وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة، وجزء من ملامح أهل هذه البلدة فما أن يُولد مولود جديد ذكر أو أنثى
إلا ويكون أول أجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه،بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيء يتدلى من وجهه .. هو أنفه السليم فبحكم السلطة، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل هذا المجتمع الصغير ، وهذه البلدة النائية صار الخطأ صواب وصار الصواب خطأ فطفقوا يضحكون عليه وعلى وجود أنف على وجهه : يا للهول انظروا إلى هذا الكائن الغريب الشكل ذو الأنف !! هكذا قال أغلب الناس "
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire